أعلنت في ساعة متأخرة من مساء السبت، جوائز مسابقتي السعفة الذهبية للأفلام الطويلة والقصيرة، ومسابقة «الكاميرا الذهبية» لأحسن مخرج في فيلمه الطويل الأول أو الثاني، في برنامج المهرجان وفي البرنامجين الموازيين لنقابتي النقاد والمخرجين في فرنسا.
وأعلنت الجمعة، جوائز مسابقة أفلام الطلبة، وكلها قصيرة، وأعلنت جوائز مسابقة «نظرة خاصة»، وكلها أفلام طويلة، وجوائز الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية (فيبريسي) التي تقدم منذ أول دورات المهرجان عام 1946.
وحقق الفيلم الفلسطيني «عمر» أحدث أفلام المخرج الفلسطيني العالمي هاني أبوأسعد (انظر رسالة مهرجان كان في «المصري اليوم» عدد الخميس الماضي) انتصارًا جديدًا للسينما الفلسطينية والسينما العربية عندما فاز بجائزة لجنة تحكيم مسابقة «نظرة خاصة» التي رأسها فنان السينما الدنماركي العالمي توماس فينتربرج، وكانت مسابقة حافلة بالأفلام الجيدة والمتنوعة كما قال رئيس اللجنة وهو يقدم الجوائز على مسرح قاعة كلود ديبوسي.
وكان من بين الأفلام المتسابقة الأفلام الأمريكية «محور بيلينج» إخراج صوفيا كوبولاً الفائزة بالأسد الذهبي في فينسيا، و«عندما أستلقى لأموت» إخراج جيمس فرانكو عن رواية فوكنر، و«محطة فروتيفالي» إخراج ريان كلوجر الذي جاء إلى كان بعد فوزه في «صاندانس»، وفاز بجائزة أحسن مخرج جديد، والتي تسمى «جائزة المستقبل».
الجوائز الثلاث الأخرى فى «نظرة خاصة» أحسن فيلم، وفاز بها الفيلم الفرنسي «الصورة المفقودة» إخراج الكمبودي ريتى بان، وأحسن إخراج وفاز بها آلان جيرودي عن الفيلم الفرنسي «غريب على البحيرة»، وأحسن موهبة خاصة، وفازت بها مجموعة عمل الفيلم المكسيكي «واكولدا» إخراج ديجو كويمادا-دينز.
فيبريسي
أما جوائز الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية (فيبريسي) حيث اشتركت في لجنة التحكيم المونتيرة والناقدة والباحثة صفاء الليثي عن جمعية نقاد السينما المصريين التي تمثل مصر في الاتحاد الدولي، فهي ثلاث جوائز لأحسن أفلام المسابقة وفاز بها الفيلم الفرنسى «حياة أديل» إخراج التونسي عبداللطيف قشيش، وأحسن أفلام مسابقة «نظرة خاصة» وفاز بها الفيلم الإيراني «المخطوطات لا تحترق» إخراج محمد رسولوف، وأحسن أفلام برنامجي النقاد والمخرجين وفاز بها الفيلم الأمريكي «أطلال زرقاء» إخراج جيرمي سولنير الذي عرض في برنامج المخرجين.
أفلام الطلبة الفائزة
وفي مسابقة أفلام الطلبة، حيث ترأست لجنة التحكيم فنانة السينما النيوزيلاندية العالمية الكبيرة جين كامبيون، فاز بالجائزة الأولى الفيلم الأمريكي «إبرة» إخراج الطالبة الإيرانية آناهيتا جازفينزادي التى ولدت عام 1989، وهذا فيلمها الرابع في مدرسة الفنون في شيكاغو.
وفاز بالجائزة الثانية الفيلم البلجيكي «في انتظار ذوبان الجليد» إخراج سارة هيرت التى ولدت عام 1985، وهذا فيلمها الثالث في معهد «إنساس» للسينما في بروكسيل.
وفاز بالجائزة الثالثة فيلمان أحدهما السلوفاكي «باندا» إخراج ماتيوس فيزار الذي ولد عام 1985، وهذا فيلمه الأول، والفيلم التشكيلي الوحيد الذي فاز في المسابقة هذا العام. والفيلم الآخر الروماني «في حوض الأسماك» إخراج تودور كرستيان جورجيو الذي ولد عام 1984، وهذا فيلمه الخامس في معهد بوخارست للسينما.
والأفلام الأربعة الفائزة جديرة بالفوز والتقدير، حيث تتميز العناصر الفنية وتتكامل، ويعبر الفيلم التشكيلي «الدب» عن العلاقة بين الإنسان والحيوان، أما الأفلام الروائية الثلاثة فهي نموذجية من حيث إدراك المفهوم الصحيح للفيلم الروائي القصير، وهو أنه موقف دال مثل القصة القصيرة في الأدب، وليس ملخصاً لفيلم طويل. ففي «إبرة» فتاة صغيرة تستعد لخرم أذنيها تمهيداً لاستخدام أول قرط في حياتها. وتحلل المخرجة ببراعة ومن خلال التفاصيل الأنثوية الدقيقة العلاقة بين الفتاة ووالدتها.
وفيلم «في حوض الأسماك» أفضل الأفلام الأربعة، وفيه يعبر المخرج الشاب عن العلاقة بين المراهقين جورج وكريستينا واضطراب مشاعر الشباب في هذا العمر بعمق وجمال وأسلوب سينمائي خالص، والفيلم يشي بمولد فنان يساهم في السينما الرومانية الجديدة، وهي الأهم التي ولدت من جديد في شرق أوروبا بعد سقوط النظم الشيوعية.
أما «في انتظار ذوبان الجليد» فهو أكثر الأفلام الثلاثة تكاملاً من الناحية الحرفية، لكن مخرجته تحاكي أفلاما تحبها ومواقف تجذبها، ولا تعبر بصدق عن مشاعر فتاة في عمرها. إنه عن موقف مركب تفكر فيه بعقلها عن العلاقة المتوترة بين زوجين ينقلان محتويات منزلهما من مكان إلى آخر، وعلى طريق جليدي مقفر تتعطل السيارة، وفي انتظار وصول النجدة يصبح السائق طرفاً ثالثاً يثير غيرة الزوج في بعض الأحيان، ويجعل الزوجة أقرب إلى زوجها في أحيان أخرى.
مسابقة الأفلام القصيرة
كانت السينما الفلسطينية السينما العربية الوحيدة في مهرجان كان هذا العام، وذلك بالفيلم الروائي الطويل «عمر» في مسابقة «نظرة خاصة»، وبالفيلم الروائي القصير «الواقي من الرصاص» إخراج محمد وأحمد ناصر في مسابقة الأفلام القصيرة، وهو أول فيلم فلسطيني اشترك في هذه المسابقة. وهذا هو الفيلم الثاني للأخوين اللذين ولدا عام 1988 بعد «عربي» عام 2010.
وبقدر ما جاء «عمر» من أهم أفلام المهرجان، واستحق الفوز بجائزة لجنة التحكيم، بقدر ما جاء «الواقي من الرصاص» مخيباً للآمال، بل إنه من أسخف الأفلام الفلسطينية.
الفيلم إنتاج كبير بالنسبة للأفلام القصيرة، ومصور للشاشة العريضة بالألوان، وعناصره الحرفية جيدة، لكنه عمل فارغ ومتحذلق ومفتعل إلى أبعد الحدود. فالأخوان ناصر يعبران في فيلمهما عن إدانة العنف من خلال طلقات الرصاص على شريط الصوت التى تعوق ممارسة الجنس بين زوجين، وتفزع طفلهما الصغير، فلا يستخدم الزوج «الواقى الذكري»، وإنما ينفخه ليتحول إلى بالونة مثل بالونات الأطفال. ويعيش الزوجان في شقة وسط ديكورات مثل ديكورات كتالوجات الديكور، ولا يوجد ما يشير على الإطلاق إلى أنهما في مدينة فلسطينية أو أنهما فلسطينيان، وإنما يمكن أن يكونا فى أي مدينة من طوكيو إلى نيويورك وجوهانسبرج، ويمكن أن تكون طلقات الرصاص فى أي معركة بين المجرمين والشرطة في الشارع.
شاعر من أيسلندا
ومن أهم الأفلام التي عرضت في المسابقة الفيلم الأيسلندي «وادي الحيتان» إخراج جودمندور أرنار جودموندسون الذي ولد عام 1982 وهذا فيلمه الأول، وفيه يعبر عن رؤية عميقة للحياة من خلال العلاقة بين أخوين، أحدهما مراهق، والثاني طفل لا يتجاوز العاشرة يعيشان في منطقة معزولة على البحر مع والديهما، وحيث يعمل الأب في صيد الحيتان.
يبدأ الفيلم بمحاولة الأخ الكبير شنق نفسه في مخزن تابع لمزرعة أسرته، وعندما يشاهده أخوه يهرع نحو المنزل، لكنه يلحق به ويمنعه من إبلاغ والديهما قائلاً إنهما لن يدركا السبب الذي دفعه إلى محاولة الانتحار. ويقول الطفل لأبيه لقد عاد أخي إلى الحزن مرة أخرى، ولا يجد طريقة لمنع أخيه من الانتحار سوى أن يدعي أنه يشنق نفسه في نفس المكان، لكنه يتعثر ويكاد يموت، وينقذه أخوه في آخر لحظة. وينتهي الفيلم في الليل، وكل من الأخوين في فراشه، ويدعوه الكبير للنوم معه فى فراشه ويحتضنه ويسأله هل تريد إبلاغ والدينا فيرد عليه الطفل بالإيجاب. إنه قصيدة من الشعر السينمائي عن العزلة والوحدة والحزن، وتعلي من القيم الكبرى التى تساعد الإنسان على الحياة على نحو أفضل.
